اعلان (728 x‏ 90)

تابعنا

ما رأيك فى موضوعات المدونة؟؟

اخر التعليقات

الأحد، 7 فبراير 2016

القائد البطل عبد الرحمن الغافقي ودخول الإسلام فرنسا







عزيزي القاريء.. من أحداث شهر صفر الهامة ولاية القائد البطل:
 "عبد الرحمن الغافقي":صفر 113 – شعبان 114هجرية
فمن هو هذا البطل والقائد العظيم؟ وماذا حقق من إنجازات في فترة ولايته على قصرها ؟

ولي "عبد الرحمن الغافقي" الأندلس لمرتين:
- الأولى:عندما قدّمه أهل الأندلس واليًا عليهم بعد مقتل الوالي السمح بن مالك الخولاني إلى أن حضر الوالي المعين من قبل الدولة الأموية عنبسة بن سحيم الكلبي في عام 103 هـ .
والثانية: بتكليف من والي أفريقية "عبيد الله بن الحبحاب" وكانت في: شهر: صفر/ عام 113 هـ
والآن نريدك – عزيزي القاريء – أن تتعرف على شخصية والي بني أمية في بلاد الأندلس (أسبانيا حالياً) ، فمَنْ هو القائد البطل "عبد الرحمن الغافقي" ؟

هو عبد الرحمن بن عبد الله بن بشر بن الصارم الغَافِقِيّ العَكِّيّ (ت 114هـ=732م)، ينتسب إلى قبيلة (غافق) وهي فرع من قبيلة (عك) باليمن، ويُكنى أبا سعيد, وكان من كبار القادة الغزاة الشجعان، وهو أحد التابعين – عليهم جميعاً رحمة الله تعالى -، وكان لنشأة "عبد الرحمن الغافقي" في ظلال تربية الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، بالغ الأثر في السواء النفسي والشخصي، لهذا القائد الفذ.
وَفَدَ على سليمان بن عبد الملك الأموي في دمشق، وعاد إلى المغرب، فاتصل بموسى بن نصير وولده عبد العزيز، أيام إقامتهما في الأندلس، ووليَ قيادة الشاطئ الشرقي من الأندلس.
أخلاقه، وشهادة المؤرخين فيه:

كان "الغافقي" من أحسن الناس خُلُقًا، وكانت إنسانيته هذه تنبع من تربيته الإسلامية الصحيحة على يد الصحابة –رضي الله عنهم؛ فلا عجب إذا رأينا منه حُسْنَ السيرة في أخلاقه مع رعيته، ولا عجب إذا رأينا العدل والورع والصبر على الرعية، وإسداء المعروف للناس دون انتظار أي مقابل.
قال عنه الذهبي – رحمه الله: عبد الرحمن بن عبد الله الغَافِقِيّ أمير الأندلس وعاملها لهشام بن عبد الملك. روى عن ابن عمر، وعنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عياض، وذكره ابن بشكوال فيمن دخل الأندلس من التابعين.
وذكر الحميدي أنه روى الحديث عن ابن عمر، وروى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وكان صالحًا جميل السيرة في ولايته، كثير الغزو للروم، عَدْلَ القسمة في الغنائم.
كما أجمعت النصوص اللاتينية على الاعتراف بقدراته الحربية، والإشادة أيضًا بمهاراته الإدارية، حتى عده المؤرخون أعظم ولاة الأندلس.

فكر "الغافقي" العسكري
تميَّز القائد عبد الرحمن الغافقي من الناحية العسكرية بالحسم، وهو مبدأ في غاية الأهمية، ويحتاج إليه القائد؛ حتى لا تتشتَّت الأمور ويبعد الهدف في ظلِّ التراخي عن اتخاذ القرار وتأخير ذلك عن وقته.
كما تميَّز أسلوبه العسكري النابع من فكره الصائب بالتوازن، بين ما يملك من قوى وما يُريد من أهداف، إضافة إلى اعتماد مبدأ الإعداد قبل التلاقي؛ أي: إعداد الجنود والشعب كله قبل المعركة إعدادًا قويًّا من كافَّة النواحي، والتأكُّد من توافر كل أنواع القوة؛ بداية من قوة الإيمان بالله، مرورًا بقوَّة التماسك والأخوة بين أفراد الجيش جميعًا، بل وأفراد الشعب، وانتهاءً بقوة الساعد والسلاح، وهي القوة المادية، وعدم الاستهانة أو التقليل من شأن أي نوع من أنواع هذه القوى؛ فإن أي قصور في أي نوع منها كفيلٌ بجلب الهزيمة على الجيش كله.

كيف كان الحال قبل ولاية الغافقي ؟
بعد استشهاد عَنْبَسَة بن سُحَيْم - رحمه الله - بدأت الأمور في التغيُّر؛ فقد تولَّى حكم الأندلس مِن بعده مجموعة من الولاة على غير عادة السابقين، فعلى مدى خمس سنوات فقط (107-112هـ=725-730م) تولَّى إمارة الأندلس ستة ولاة، كان آخرهم رجل يُدعى الهيثم بن عبيد الكلابي – أو الكناني حسب بعض الروايات- وكان عربيًّا متعصبًا لقومه وقبيلته .. ومن هنا بدأت الخلافات تدبُّ بين المسلمين: المسلمون العرب من جهة والمسلمون الأمازيغ (البربر) من جهة أخرى، وكانت الخلافات بسبب التعصب للعِرْقِ أو العنصر، وهو أمر لم يحدث في تاريخ المسلمين منذ فتح الله على المسلمين هذه المناطق وإلى تلك اللحظة، ولم تمرّ خلافات العصبيات هذه مرور الكرام، وإنما دارت معاركُ ومشاحناتٌ بين المسلمين العرب والمسلمين الأمازيغ (البربر) راح ضحيتها الكثير من المسلمين.

أهم انجازات القائد "عبد الرحمن الغافقي":
شارك في معركة "تولوز" مع "السمح بن مالك الخولاني" التي هُزم فيها المسلمون أمام قوات "أودو" دوق أقطانيا، وبعد الهزيمة، انسحب بالقوات وتولى الأندلس(الولاية الأولى) إلى أن قدم "عنبسة بن سحيم الكلبي"، وخلال تلك الفترة القصيرة، استطاع "عبد الرحمن" أن يخمد بوادر التمرد في الولايات الشمالية، كما ثبّت وضع المسلمين في القواعد التي استولوا عليها في سبتمانيا.

- قاد بعد ذلك حملات بحرية على إيطاليا أثناء الفترة التي تلت تلك الولاية، فقد نقل المؤرخ "شكيب أرسلان" عن السياسي والمؤرخ "عبد العزيز الثعالبي" حيازته لوثائق تؤرخ لحملة بحرية على جنوب أوروبا أرسلها "إسماعيل بن أبي المهاجر" والي أفريقية عام 105 هـ بقيادة "عبد الرحمن الغافقي" حققت نجاحات في إيطاليا.

- القضاء على الصراعات بين المسلمين:
بدأ عبد الرحمن ولايته الثانية بالمصالحة بين العرب المضرية واليمانية وجمع كلمتهم، بعد أن التهبت الأمور ودبت روح النزاعات القبلية بينهما، نتيجة تحيّز بعض الولاة المتعصبين للمضريين على حساب اليمانيين، فمَنَّ الله على المسلمين به، وهم على تلك الحال من التناحر والصراعات؛ فقضى عليها ووحَّد الصفوف من جديد، ثم أخمد أيضاً تمرد البربر في الولايات الشمالية، وبدأ يبثُّ في الناس رُوح الإسلام الأولى، التي لم تُفَرِّق بين عربي وأعجمي إلاَّ بالتقوى والصلاح.


- مواصلة المشروع الحضاري لنشر الإسلام في ربوع أوروبا:
وكان للغافقي مشروعاً حضارياً، ورثه ممن سبقوه من القادة الذين ظلوا يلحون على تحقيقه منذ فتح الأندلس عام 91هـ، وكان حريصا على مواصلة الفتوحات الإسلامية متجهاً إلى الشمال؛ ليحقق أمنية القائد المجاهد موسى بن نصير، بحمل راية الإسلام وحضارته إلى شعوب أوروبا التي غرقت في الظلام، ثم ينفذ من أوروبا  إلى  القسطنطينية، وبذلك يعم الإسلام القارة الأوروبية.

معركة بلاط الشهداء والتوغل داخل أراضي فرنسا:
بدأت أحداث معركة بلاط الشهداء في أوائل شهر رمضان سنة 114هـ، فنشبت بين الجيشين معارك جزئية لمدة ثمانية أيام، وفي اليوم التاسع نشبت بينهما المعركة الحاسمة، وعلى مقربة من نهر اللوار هجمت فرسان المسلمين على صفوف الفرنسيين، حتى بدا الإعياء عليهم، ولاح النصر في جانب المسلمين، وتكدست جثث القتلى من الجانبين طيلة النهار، حتى فصل الظلام بينهما، وكان الجنود المسلمون أُسدًا مغاوير، فقد اخترقوا الصفوف وراء قائدهم الباسل.. لكن "شارل مارتل" قائد جيش الغاليين (الفرنسيين)، علم أن المسلمين مثقلون بغنائمهم الثمينة، وكثيرًا منهم من البربر الذين يحرصون على نفائسهم الغالية، فعمل على اختراق معسكر غنائم المسلمين، وبالفعل حدث ارتباك في صفوف المسلمين وارتدت قوة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة إلى ما وراء الصفوف لحماية الغنائم، وترك الكثيرون ميدان القتال واندفعوا إلى الخيام مذعورين، فدب الخلل في صفوف المسلمين...

حاول "الغافقي" لملمة جيشه، لكنه لم يتمكن، فترك الطامعين، واندفع مع خيرة جنوده ليقف بهم أمام الطوفان العاصف، واستبسلت كتيبة القائد "الغافقي" استبسالاً ينحني له التاريخ إجلالاً وإكبارًا، وبينما هو يتنقل بين الصفوف يقودها ويجمع شتاتها إذ أصابه من جانب الأعداء سهم أودى بحياته فارتقى البطل "الغافقي" شهيدًا رحمه الله رحمة واسعة.
اعلان 1
اعلان 2

شارك الموضوع

0 التعليقات :

إرسال تعليق