اعلان (728 x‏ 90)

تابعنا

ما رأيك فى موضوعات المدونة؟؟

اخر التعليقات

السبت، 13 سبتمبر 2014

الإمام المجدد محمد بن عبد الوهّاب


الشيخ محمد بن عبد الوهّاب

من كتاب جهاد الترباني "مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ"


"
ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه، وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه

)                                                            العقاد)





 

إن الذي أدعو إليه هو دين الله، فلا يُدعى إلا الله، ولا يُنذر إلا لله، ولا يُذبح القربان إلا لله"    " آريوس أمة محمد" 

 




الوهّابية ! الوهّابي !! الوهّابيون !!! مصطلحاتٌ باتت تتكرر كثيرًا في السنوات الأخيرة، ما بين مهاجم ومدافع، ما بين محلل و محذر، فأفردت الصحف الكبرى صفحاتها لمناقشة هذه الظاهرة ، ظاهرة "المد الوهّابي"، وحفز الكتّاب أقلامهم يحللون هذه الظاهرة التي تنتشر انتشار النار في الهشيم، بل إن الغريب أن بعض المحسوبين على علماء الدين في بعض الدول العربية أصبح لا هم لهم في الدنيا إلا المشاركة في البرامج الحوارية، لا لتفسير آيات الله ، بل لتحذير الناس من خطر هذا (الفكر المستورد) والذي يمثل (خطرًا) على الإسلام يفوق خطر جحافل جنكيز خان التي دمرت الأخضر واليابس، ومما يدعو للسخرية أن أَيّاً من هؤلاء لم يشرح لنا ما هي الوهابية، بل إن الأمر الهزلي الأكثر مدعاة للسخرية هو أن الوهابية التي تشغل عليهم حياتهم ما هي إلاّ شيءٌ وهمي لا وجود له على الإطلاق !!!

ولأن الحديث ذا شجون، أتذكر زميلًا لي من أرض العراق اسمه عمر ( عرفت فيما بعد أن اسمه الحقيقي هو حيّاوي!! (،هذا الزميل الشيعي لم يكن له همٌ في الحياة إلا تحذيري من خطر الوهابية، بل إنه تطوع لكي يحذر بعض الرفاق الأوربيين بلغته الإنجليزية الركيكة من خطر الوهّابزم (Wahhabism) وصار بدلًا من أن يدعوهم للإسلام يكرر ذلك التحذير عليهم لدرجةٍ جعلتني أناديه باسم (عمر وهّابزم( !

وصدق الشاعر إذ قال :
 

وإذا أراد الـلـه نشــر فـضـيلــة *** طـُويـت أتـاح لهـا لســان حسـود
لولا اشتعال النار فيما جاورت *** ما كان يُعرف طيبُ عَرف العود

فلقد دفعني عمر وهّابزم أو حيّاوي وهّابزم أيًا كان اسمه إلى أن أفتش في صفحات خلت من التاريخ، علّي أجد شرحًا وافيًا لهذه الظاهرة التي شغلت بال الناس في السنوات الأخيرة. ولأن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، فإننا لا نستطيع أن نحكم على إنسانٍ إلّا من خلال أعماله أوأقواله، لا من خلال ما يقال عنه من أعدائه أو حتى أصدقائه، فالوهابية تنسب أساسًا إلى رجلٍ من صحراء نجد السمه الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي، والذي وُلد سنة 1703م وتوفي سنة 1792م ، هذا الرجل حفظ كتاب الله صغيرًا وتعلم على أيدي علماء مكة والمدينة، قبل أن يرحل إلى البصرة لينهل من علمائها أحاديث رسول الله صل الله عليه وسلم، وبعد تنقلاته العديدة بين صحاري نجد والحجاز والعراق، وفي سن التاسعة عشرة قرر هذا الشاب أن يجهر بدعوةٍ عجيبةٍ، لقد قرر محمد بن عبد الوهاب أن يجهر بدعوة التوحيد !

وقد يعجب المرء من أمر هذا الشاب الصغير الذي يدعو إلى التوحيد بعد أكثر من اثني أحد عشر قرنًا من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأين؟! في مهبط الوحي في الجزيرة العربية نفسها !!! فإذا كنت تعتقد أن التوحيد هو مجرد نطقك لشهادة أن لا إله إلا الله فأنت واهمٌ، ولكي نفهم ذلك أكثر فإنه يجب علينا أن نبحر بها من جديد عبر بوّابة الزمن لكي نرى حال الأمة الإسلامية في في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، الموافق الثامن عشر الميلادي :

الخلافة العثمانية والتي كانت تحكم أغلب ديار الإسلام كانت قد دخلت في طورٍ من الضعف بعد سليمان القانوني رحمه الله، فانشغل العثمانيون في الدفاع عن أراضي المسلمين في أوروبا في ظل هجمات متكررة من روسيا القيصرية في الشرق وفرنسا من الغرب.
 

وفي نجد مسقط رأس محمد بن عبد الوهاب كان الناس يحجّون إلى قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ويدعونه لتفريج الكرب، وكشف النوب، وقضاء الحاجات، وكانت هناك شجرةً اسمها "شجرة الذئب" يتبرك بها الناس، فيطوفون حولها، ويأمها النساء ليعلقن عليها الخرق البالية لكي يسلم أولادهن من الموت والحسد ، والرجل الفقير يذهب إلى تلك الشجرة لكي ينال الرزق، والمريض يذهب إليها لتشفيه !

وفي الحجاز كان المسلمون يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مراتٍ عند وقت كل صلاة، فأتباع المذهب الحنبلي لا يصلون خلف إمامٍ شافعي، والمالكية لا يصلون خلف إمامٍ يتبع مذهب أبي حنيفة وهكذا، أما في مكة مسقط الوحي فقد كان الناس يطوفون حول قبور الصحابة.

وفي مصر انتشرت الطرق الصوفية المختلفة، وتدافعت القوافل من مختلف أصقاع أرض الكنانة إلى مدينة "طنطا" لتحج إلى قبر السيد البدوي كل عام، كما ودعا الناس البدوي لتفريج الهم، وزيادة الرزق، وذهبت المرأة التي لم يتقدم لها خاطب تتوسل إليه في خضوع وتقول له : يا سيدي البدوي ارزقتي عريسًا! أما التي تريد تفريج همها فكانت تذهب إلى قبر السيدة نفيسة، وأصبحت القبور مكانًا يتكسب منه الدجالون، فانهالت عليهم أموال النذر، وأصبحت الموالد مكانًا خصبًا لطالبي الزنى وشرب المخدرات، وشاع السحر والشعوذة أرجاء مصر.

وفي العراق عُبد الحسين من دون الله، وأصبحت النجف مكانًا لعبّاد القبور والأضرحة، وتبرك الناس بقبر أبي حنيفة النعمان، وأصبحت المناسبات الدينية موسمًا لطالبي المتعة الجنسية، فاندفع الشباب في طرقات الأضرحة الضيقة كل منهم يريد نصيبه من الرذيلة والفاحشة.

أما في المغرب الإسلامي فلم يكن الوضع أفضل بكثيرٍ من المشرق، فكان الناس يدعون السيد عبدالقادر الجيلاني من دون الله، وانتشرت الموالد والبدع، وقدم الناس النذور والأموال لشيوخ الطرق الصوفية.
الخلاصة أن العالم الإسلامي كان في صورة لا يحسد عليها، صورها المؤرخ الأمريكي (لوتروب ستودارد) بقوله: " في القرن الثامن عشر كان العالم الإسلامي قد بلغ من الانحطاط أعظم مبلغ، فقد ألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس ثوبًا من الخرافات وقشور الصوفية،وخرج الناس من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات، وانتشر الحج إلى قبور الأولياء، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يُدعى الإسلام لغضب ! "


وفي ظل هذا الجو القاتم ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي، فدعا الناس إلى ترك هذه الخزعبلات والرجوع إلى الإسلام الصحيح، إلى التوحيد، وأوضح لهم أنه لا يكفي المسلم أن يقول عن نفسه موحدًا لله من دون أن يُعكس ذلك على أفعاله وأقواله، وللإنصاف فإن أغلب زوّار القبور والأضرحة والذين يدعون الأموات يدركون أن الله واحد، وإنما يذهبون إلى تلك قبور الأولياء الصالحين لطلب البركة التي تقربهم إلى الله، فقام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بتوضيح معنى التوحيد لهؤلاء المساكين بأن الله لم يرد أن يكون بينه وبين عباده واسطة في الدعاء ولو حتى رسول الله نفسه، فلقد طلب الله من رسوله الكريم أن يبين للناس ما قد سألوه من أمور مختلفة بقوله (قل) أي قل يا محمد، فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: "وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى" [البقرة:222]. "وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ" [البقرة:220]." يَسْئَلُونَكَ عَنِ الاهِلَّةِ قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ" [البقرة:189]. ولم يستثنِ من ذلك إلا حالة واحدة، هي حالة الدعاء، فقد قال الله في الآية السادسة والثمانين بعد المائة من سورة البقرة:
"
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"
فلم يقل فقل إني قريب، فليس هناك واسطةٍ بين دعاء العبد وربه حتى ولو كان صاحب هذه الواسطة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبين لهم الشيخ ابن عبدالوهاب أنه لا يجوز أبدًا دعاء الأموات، وذكر لهم ما قاله الله في سورة فاطر من أمر دعاء الأموات والأولياء الصالحين


"
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ، إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ"

وبين الشيخ محمد بن عبدالوهاب أن الله قد قال أولًا (دعاءكم) ثم قال (شرككم) أي أن دعاء غير الله يدخل الإنسان في حالة الشرك الأكبر والعياذ بالله. عند ذلك حورب الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الذين كانوا يتكسبون من القبور والأضرحة وأموال النذور، فسافر الشيخ من مكانٍ إلى مكان يدعو الناس إلى التوحيد، ودعوته تلقى الصد من أمراء نجد وشيوخها، فقد تعود الناس هناك على البدع والطواف حول القبور، إلى أن وصل الشيخ إلى بلدة في نجد يقال لها "الدرعية"، فعرض دعوته في التوحيد على أميرها الشيخ (محمد بن سعود)، فاقتنع بها، وبايعه على النصرة والمنعة مقابل أن يقيم الشيخ ابن عبد الوهاب دائمًا معهم في الدرعية ليعلم شباب القبيلة الدين الصحيح، فوافق الشيخ ابن عبد الوهاب على ذلك.

فأقام الشيخ بالدرعية مُؤيدًا من حاكمها ابن سعود، فكان أول شيء يقوم به هو تعليم الناس أهم شيء في دينهم، التوحيد، فرتب الدروس في في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، والحديث ، والعلوم العربية ، والتاريخ ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، فأقبل الناس على العلم ، وذاع صيت ذلك الشيخ الذي يعلم الناس أمور التوحيد، فتوافد شباب القبائل المجاورة على الدرعية من كل مكان ، وأصبحت الدرعية بؤرة للنور في بحرٍ من الظلمات، وازداد عدد أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأصبحت الدرعية قوة ضاربة في صحراء نجد، وبعد سنين من دعوة ابن عبد الوهاب للتوحيد، وبعد أن تعلم الشباب أصول دينهم الصحيح على يديه، أعطى الشيخ ابن عبد الوهاب إشارة الإذن بالجهاد لنشر أصول التوحيد بين عباد القبور، فذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى القبة التي بنيت على قبر الصحابي البطل زيد بن الخطاب رضي الله وأرضاه والتي كان الناس يتعبدون بها ويطوفون حولها، فهدمها بنفسه، وانتشر الشباب الموحد بين القبائل ينشرون فيها مفهوم التوحيد المنسي، فبدأت الناس تعمر المساجد الخاوية من جديد، وعاد الناس لصيام رمضان بعد أن كانوا قد نسوه، وأرسل الشيخ المرشدين والدعاة في الصحراء والبوادي ليبينوا للناس مفهوم التوحيد الصحيح، كما أرسل المعلمين والقضاة إلى القرى النائية، فترك الناس العادات البدعية التي ورثوها من آبائهم، وبعد أن جاء نصر الله على أيدي الموحدين من أتباعع الشيخ ابن عبد الوهاب، وبعد أن أقر الله عين الشيخ بعودة الناس إلى دين الله الصحيح، توفي رحمه الله تاركًا للمسلمين كتابًا من أعظم ما كُتب في تاريخ هذه الأمة، ألا وهو كتاب "التوحيد" .

وبعد وفاة هذا الخالد الإسلامي، استطاع أتباعه نشر دعوته في مكة والمدينة، فقام هؤلاء بنشر مفهوم التوحيد بين الحجاج من مختلف البلدان الإسلامية، فانتشرت دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب من البنغال شرقًا إلى المغرب غربًا، فاستغل الشباب المسلم من أتباع الشيخ البطل محمد بن عبد الوهاب توافد الحجيج على مكة والمدينة من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فأخذ أولئك الشباب يعلمون الحجيج مبادئ التوحيد والإسلام الصحيح، فتعلم كثيرٌ من حجاج بيت الله الحرام من مختلف أرجاء العالم من أولئك الموحدين، ثم قام أولئك الحجاج بنشر هذه المبادئ التوحيدية في بلدانهم، وهكذا جدد الإمام محمد بن عبد الوهاب دين الأمة الإسلامية بأسرها في حياته ، وما زال يجددها بعد مماته بذلك الكتاب العظيم، كتاب " التوحيد ".

بقي أن أنوه إلى أمرٍ أخير، فلقد اجتهدت في إطلاق لقبٍ على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذا الكتاب ما عرفت أحدًا أطلقه عليه من قبل، ألا وهو " آريوس أمة محمد "، ولا أعرف إن كان من حق من هو مثلي أن يطلق الألقاب على من هو مثله، ولكني رأيت تطابقًا عجيبًا بين قصة هذا الإمام وبين قصة آريوس التي سبق أن ذكرناها، فكلاهما رفض تغيير مبدأ التوحيد، وكلاهما لم يكن له مذهب أصلًا لكي يتبعه الناس، فكلاهما دعا إلى الرجوع إلى سلف الأمة وترك التقيد الأعمى بالمذاهب، هذا إلى رجال القرون الثلاثة الأولى من أمة محمد، وهذا إلى رجال القرون الأولى من أمة عيسى ، ولكن الشيء اللافت للنظر أن النصارى الموحدين من أتباع أريوس والذين رفضوا البدع سُمّوا من دون أن يعلموا بـ "الآريسيين" ، بينما سُمّي المسلمون الموحدون الذين رفضوا البدع وأنكروا على الناس دعاءهم لغير الله أيضًا بدون علمهم بـ "الوهابيين"..... أو "الوهابزم" كما يحب أن يسميهم حيّاوي الكذاب!

الغريب في الأمر أن دعوة التوحيد هذه لم تكن مسألة مسلمًا بها في كل حِقب تاريخ أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن التوحيد لطالما كان في مهب الريح بين الحين والآخر في تاريخ هذه الأمة .


فما هي قصة التوحيد في بلاد المغرب الإسلامي؟ وما هي الأوضاع المزرية التي وصل لها المسلمون في المغرب الإسلامي في القرن الخامس الهجري؟ وكيف كان المسلمون هناك يحرمون أكل لحم الخنزير ويحللون أكل لحم الخنزيرة ؟! وما هي قصة المرابطين؟ ولماذا سُمّوا بهذا الاسم؟ ومن هو الخالد الإسلامي البطل الذي ظهر على ضفة نهر السنغال في أقصى الغرب الأفريقي ليسجل اسمه بحروفٍ من نورٍ في قائمة الخالدين المائة في أمة التوحيد؟

يتبع
.................
اعلان 1
اعلان 2

شارك الموضوع

رسالة أحدث
السابق
هذه اخر تدوينة .

0 التعليقات :

إرسال تعليق